فصل: فُرُوعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: مَا تَوَاتَرَ نَاقِلُوهُ) أَيْ: بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَوَاتَرَتْ عَدَالَةُ رُوَاتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يُبْحَثُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَا حَاجَةَ لِلْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يُكْتَفَى فِي عَدَالَةِ رُوَاتِهِ بِتَعْدِيلِ إمَامٍ إلَخْ وَلَابُدَّ مَعَ الْعَدَالَةِ مِنْ الضَّبْطِ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَنَحْوًا) يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالنَّحْوِ مَا يَشْمَلُ الصَّرْفَ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَرَادَ بِالنَّحْوِ مَا يَشْمَلُ الْبِنَاءَ، وَالْإِعْرَابَ، وَالتَّصْرِيفَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إمَّا بِعِلْمِهِ بِمُوَافَقَتِهِ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ يَغْلِبُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: صِحَّةً إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: جَلَاءً وَخَفَاءً) يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَطُرُقَ اسْتِخْرَاجِ الْعِلَلِ إلَخْ) أَيْ وَيَعْرِفُ طُرُقَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَبَحِّرًا فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْعُلُومِ حَتَّى يَكُونَ فِي النَّحْوِ كَسِيبَوَيْهِ وَفِي اللُّغَةِ كَالْخَلِيلِ بَلْ يَكْفِي مَعْرِفَةُ جُمَلٍ مِنْهَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَشَرْطُ الْقَاضِي مُسْلِمٌ إلَخْ أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا مَرَّ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِأُمُورِ الْعَقَائِدِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَيْسَ إحْسَانُهَا شَرْطًا فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْ: عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ) أَيْ: الْعُلُومِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(قَوْلُهُ: إمَّا مُقَيَّدٌ) أَيْ: بِمَذْهَبِ إمَامٍ خَاصٍّ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا يَعْدُو) أَيْ: لَا يَتَجَاوَزُ.
(قَوْلُهُ: لِرَغْبَةِ الْعُلَمَاءِ عَنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ يَرْغَبُونَ عَنْهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَكَيْفَ يُمْكِنُ إلَخْ عَنْهُ أَيْ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَكَيْفَ يُمْكِنُ) إلَى قَوْلِهِ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَيْضًا وَإِنْ أَوْهَمَ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي خِلَافَهُ.
(قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: الْمُجْتَهِدِ.
(قَوْلُهُ: تَسْأَلُنِي عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَمْ عَمَّا عِنْدِي إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِقْلَالَ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِهِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ هُوَ) أَيْ: الْقَفَّالُ.
(قَوْلُهُ: وَآخَرُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ لَسْنَا إلَخْ فَمَا هَذَا كَلَامُ مَنْ يَدَّعِي زَوَالَ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ إلَخْ) أَيْ: ابْنُ الصَّلَاحِ.
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَطْلَبِ.
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) هَذَا مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَصَحُّ جَوَازُ تَجْزِئَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَرْعٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَبَعَّضَ الِاجْتِهَادُ بِأَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ مُجْتَهِدًا فِي بَابٍ دُونَ بَابٍ فَيَكْفِيهِ عِلْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا حَقِيقَتُهُ) أَيْ: الِاجْتِهَادِ.
(قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ) أَيْ: فِي جَمِيعِهَا.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّأْسِيسُ إلَخْ) قَدْ يُشِيرُ إلَى مَا يُنَافِي قَوْلَهُ: السَّابِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ التَّأَهُّلُ لَهُ. اهـ.
أَقُولُ: يَدْفَعُ الْمُنَافَاةَ حَمْلُ قَوْلِهِ: أَوْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْإِضْرَابِ.
(قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: التَّأْسِيسِ.
(قَوْلُهُ: مَرْتَبَةِ الِاجْتِهَادِ الْمَذْهَبِيِّ) أَيْ: الِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ فَضْلًا عَنْ الِاجْتِهَادِ النِّسْبِيِّ أَيْ: الِاجْتِهَادِ فِي بَعْضِ الْأَبْوَابِ فَضْلًا عَنْ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ أَيْ: فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ.

.فُرُوعٌ:

فِي التَّقْلِيدِ يُضْطَرُّ إلَيْهَا مَعَ كَثْرَةِ الْخِلَافِ فِيهَا وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ كُلٍّ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَذَا مَنْ عَدَاهُمْ مِمَّنْ حُفِظَ مَذْهَبُهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَدُوِّنَ حَتَّى عُرِفَتْ شُرُوطُهُ وَسَائِرُ مُعْتَبَرَاتِهِ فَالْإِجْمَاعُ الَّذِي نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى مَنْعِ تَقْلِيدِ الصَّحَابَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا فُقِدَ فِيهِ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّقْلِيدِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِعَمَلِ نَفْسِهِ لَا لِإِفْتَاءٍ، أَوْ قَضَاءٍ فَيَمْتَنِعُ تَقْلِيدُ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ فِيهِ إجْمَاعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَشَبُّهٍ وَتَغْرِيرٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا قَصَدَ بِهِ الْمُفْتِي مَصْلَحَةً دِينِيَّةً جَازَ أَيْ: مَعَ تَبْيِينِهِ لِلْمُسْتَفْتِي قَائِلَ ذَلِكَ.
وَعَلَى مَا اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ يُحْمَلُ قَوْلُ السُّبْكِيّ: مَا خَالَفَ الْأَرْبَعَةَ كَمُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اعْتِقَادُ أَرْجَحِيَّةِ مُقَلَّدِهِ، أَوْ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ لَكِنْ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَجَّحَاهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنَهُ عَامِّيًّا جَاهِلًا بِالْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلِيلِ لِحُصُولِهِ بِالتَّسَامُحِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْهَرَوِيُّ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا مَذْهَبَ لَهُ أَيْ: مُعَيَّنٌ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَحَيْثُ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُتَبَحِّرَانِ أَيْ: فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ فَكَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ. اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَوْجُهِ مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ، لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ لِمُفْتٍ وَعَامِلٍ عَلَى مَذْهَبِنَا فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ، أَوْ وَجْهَيْنِ أَنْ يَعْتَمِدَ أَحَدَهُمَا بِلَا نَظَرٍ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ يَبْحَثُ عَنْ أَرْجَحِهِمَا بِنَحْوِ تَأَخُّرِهِ إنْ كَانَا لِوَاحِدٍ. اهـ.
وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لَكِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُفْتِي، وَالْقَاضِي؛ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ تَقْلِيدِ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُسَاوَاةِ الْعَامِلِ لِلْمُفْتِي فِي ذَلِكَ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى عَامِلٍ مُتَأَهِّلٍ لِلنَّظَرِ فِي الدَّلِيلِ وَعِلْمِ الرَّاجِحِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَمَا يَأْتِي عَنْ فَتَاوَى السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّهُ فِي عَامِّيٍّ لَا يَتَأَهَّلُ لِذَلِكَ.
وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مَنْ لِإِمَامِهِ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ لَهُ تَقْلِيدُهُ فِي أَيِّهِمَا أَحَبَّ يَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ وَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَفْرُوضٌ كَمَا تَرَى فِيمَا إذَا كَانَا لِوَاحِدٍ، وَإِلَّا تَخَيَّرَ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَرْجِيحَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ قَائِلِهِ الْأَهْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ أَيْضًا: اخْتِلَافُ الْمُتَبَحِّرَيْنِ كَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْفَتْوَى.
وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَرْجَحَ التَّخْيِيرُ فِيهِمَا فِي الْعَمَلِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَرْجُوحِ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ فِي مُقَلِّدِ مُصَحِّحِ الدَّوْرِ فِي السُّرَيْجِيَّةِ لَا يَأْثَمُ، وَإِنْ كُنْت لَا أُفْتِي بِصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ الِاجْتِهَادِيَّةَ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا.
وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: يَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ فِيهَا: يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الدَّوْرِ.
وَمَرَّ أَنَّ مَا يُنْقَضُ لَا يُقَلَّدُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يَنْقُضُهُ يَمْنَعُ تَقْلِيدَهُ وَمَنْ لَا يَنْقُضُهُ يُجَوِّزُ تَقْلِيدَهُ.
وَفِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ يَتَخَيَّرُ الْعَامِلُ فِي الْقَوْلَيْنِ أَيْ: إذَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لِلْعِلْمِ بِأَرْجَحِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَلَا وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ بِهِ، لَكِنْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِأَحَدِهِمَا إلَّا بَعْدَ عِلْمِ أَرْجَحِيَّتِهِ، وَصَرَّحَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الْعَمَلَ بِالْمَرْجُوحِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَتَتَبَّعَ الرُّخَصَ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ بِالْأَسْهَلِ مِنْهُ؛ لِانْحِلَالِ رِبْقَةِ التَّكْلِيفِ مِنْ عُنُقِهِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُفَسَّقُ بِهِ.
وَزَعْمُ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَنْ يَتَّبِعُ بِغَيْرِ تَقْلِيدٍ يَتَقَيَّدُ بِهِ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَحِلِّ الْخِلَافِ بَلْ يُفَسَّقُ قَطْعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِرُخَصِ الْمَذَاهِبِ، وَإِنْكَارُهُ جَهْلٌ لَا يُنَافِي حُرْمَةَ التَّتَبُّعِ، وَلَا الْفِسْقَ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالتَّتَبُّعِ وَلَيْسَ الْعَمَلُ بِرُخَصِ الْمَذَاهِبِ مُقْتَضِيًا لَهُ لِصِدْقِ الْأَخْذِ بِهَا مَعَ الْأَخْذِ بِالْعَزَائِمِ أَيْضًا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِالْعَزَائِمِ، وَالرُّخَصِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ مُتَتَبِّعٌ لِلرُّخَصِ لَاسِيَّمَا مَعَ النَّظَرِ لِضَبْطِهِمْ لِلتَّتَبُّعِ بِمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْهُ.
وَالْوَجْهُ الْمَحْكِيُّ بِجَوَازِهِ يَرُدُّهُ نَقْلُ ابْنِ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِ تَتَبُّعِ الرُّخَصِ، وَكَذَا يُرَدُّ بِهِ قَوْلُ مُحَقِّقِ الْحَنَفِيَّةِ ابْنِ الْهُمَامِ: لَا أَدْرِي مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْعَقْلِ، وَالنَّقْلِ مَعَ أَنَّهُ اتِّبَاعُ قَوْلِ مُجْتَهِدٍ مَتْبُوعٍ، وَقَدْ «كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مَا خَفَّفَ عَلَى أُمَّتِهِ»، وَالنَّاسُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَسْأَلُونَ مَنْ شَاءُوا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِذَلِكَ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ جَوَازُ التَّلْفِيقِ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا فَتَفَطَّنْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ أَخَذَ بِكَلَامِهِ هَذَا الْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا تَقَرَّرَ وَفِي الْخَادِمِ عَنْ بَعْضِ الْمُحْتَاطِينَ الْأَوْلَى لِمَنْ بُلِيَ بِوَسْوَاسٍ الْأَخْذُ بِالْأَخَفِّ، وَالرُّخَصِ؛ لِئَلَّا يَزْدَادَ فَيَخْرُجُ عَنْ الشَّرْعِ وَلِضِدِّهِ الْأَخْذُ بِالْأَثْقَلِ؛ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْ الْإِبَاحَةِ.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يُلَفِّقَ بَيْنَ قَوْلَيْنِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُمَا حَقِيقَةٌ مُرَكَّبَةٌ لَا يَقُولُ بِهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَأَنْ لَا يَعْمَلَ بِقَوْلٍ فِي مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ بِضِدِّهِ فِي عَيْنِهَا كَمَا مَرَّ بَسْطُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ مَعَ بَيَانِ حِكَايَةِ الْآمِدِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ بَعْدَ الْعَمَلِ.
وَنَقْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ مِثْلَهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَإِنْ جَرَيْت عَلَيْهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا نُقِلَ ذَلِكَ فِي عَامِّيٍّ لَمْ يَلْتَزِمْ مَذْهَبًا قَالَ: فَإِنْ الْتَزَمَ مُعَيَّنًا فَخِلَافٌ، وَكَذَا صَرَّحَ بِالْخِلَافِ مُطْلَقًا الْقَرَافِيُّ وَقِيلَ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ الْأُصُولِيِّينَ لَا الْفُقَهَاءِ فَقَدْ جَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الِانْتِقَالَ عَمِلَ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَا وَأَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ جَوَازَ الِانْتِقَالِ.
وَقَدْ أَخَذَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَتَبِعُوهُ أَنَّ إطْلَاقَاتِ الْأَئِمَّةِ إذَا تَنَاوَلَتْ شَيْئًا، ثُمَّ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِمَا يُخَالِفُ فِيهِ فَالْمُعْتَمَدُ الْأَخْذُ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِمْ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ عَدَاهُمْ مِمَّنْ حُفِظَ مَذْهَبُهُ إلَخْ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِعَمَلِ نَفْسِهِ لَا لِإِفْتَاءٍ، أَوْ قَضَاءٍ فَيَمْتَنِعُ تَقْلِيدُ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ فِيهِ إجْمَاعًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ عَدَا الْأَرْبَعَةِ مِمَّنْ حُفِظَ مَذْهَبُهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَدُوِّنَ حَتَّى عُرِفَتْ شُرُوطُهُ وَسَائِرُ مُعْتَبَرَاتِهِ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ فِي غَيْرِ الْعَمَلِ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَالْحُكْمِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَلْيُحْفَظْ مَعَ أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّقْلِيدِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بُطْلَانُ تَقْلِيدِ مُقَلِّدِي بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِيمَا قُلْنَا بِنَقْضِهِ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْضُ تَشَهٍّ وَتَغْرِيرٍ) كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؟.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَجَّحَهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ) فِي الرَّوْضِ وَيَعْمَلُ أَيْ: الْمُسْتَفْتِي بِفَتْوَى عَالِمٍ مَعَ وُجُودِ أَعْلَمَ مِنْهُ جَهِلَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ بِأَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ إذَا جَهِلَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِزِيَادَةِ عِلْمٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ: الْمُفْتِيَانِ جَوَابًا وَصِفَةً وَلَا نَصَّ قُدِّمَ الْأَعْلَمُ، وَكَذَا إذَا اعْتَقَدَ أَحَدَهُمَا أَعْلَمَ، أَوْ أَوْرَعَ أَيْ: قَدَّمَ مَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ، أَوْ أَوْرَعَ وَيُقَدِّمُ الْأَعْلَمَ عَلَى الْأَوْرَعِ انْتَهَى.